[ad_1]
كان المسجد الأقصى موقعًا لاعتداءات إسرائيلية لا حصر لها على مر العقود (Getty/file photo)
أحيت هيئة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية في القدس، اليوم الأربعاء، الذكرى الـ55 لإحراق المسجد الأقصى المبارك عام 1969، محذرة من أن جريمة إحراق المسجد الأقصى “ما زالت مستمرة” حتى اليوم، في إشارة إلى الاقتحامات والاعتداءات العديدة التي نفذها المستوطنون والجيش والسياسيون على المسجد الأقصى.
ووصف المجلس أحداث عام 1969 بـ”الجريمة النكراء”، حيث “ما زالت الحرائق مستمرة حتى اليوم بأشكال وأبعاد لا تقل خطورة في المساس برسالة وهوية المسجد الأقصى المبارك”.
كما نددت “بأصحاب العقلية المتطرفة التي تدعو إلى التدمير والحرق والهدم من خلال سلسلة من الاقتحامات اليومية المتتالية التي تقوم بها الجماعات اليهودية المتطرفة”.
ماذا حدث في عام 1969؟
قبل خمسة وخمسين عاما، أضرم رجل أسترالي يعيش في إسرائيل النار في المسجد الأقصى، في حادثة وصفت بأنها أدخلت الشرق الأوسط في “أسوأ أزمة” منذ الحرب العربية الإسرائيلية عام 1967.
قام دينيس مايكل روهان بإشعال النار في منبر المسجد، مما أدى إلى تدمير المنبر الذي يعود تاريخه إلى القرن الثاني عشر بالكامل.
كان المنبر، الذي أمر ببنائه نور الدين، أتابك حلب، يعد من بين أفضل قطع العمارة في العالم الإسلامي.
في الساعة السادسة من صباح يوم 21 أغسطس، دخل روحان عبر بوابة بني غانم حاملاً زجاجة ماء ووعائين مملوءين بالبنزين والكاز. ثم دخل المسجد بعد حوالي ساعة ووضع العائين أسفل المنبر.
كما وضع وشاحًا من الصوف المبلل بالكيروسين على أحد طرفي الحاويات، والطرف الآخر عند خطوات المنبر، ثم أشعل النار في الوشاح وهرب.
وذكرت وسائل إعلام في ذلك الوقت أن أعمدة الدخان المنبعثة من المسجد شوهدت في كافة أنحاء القدس.
وأدى الهجوم إلى تدمير منبر المسجد الأقصى والقسمين الجنوبي والجنوبي الشرقي من المسجد.
وأثارت الحادثة غضبا في العالم الإسلامي، مما أدى إلى احتجاجات وأعمال شغب في جميع أنحاء المنطقة، حيث يعتقد العديد من المسلمين الفلسطينيين أن الحادث كان جزءا من “مؤامرة إسرائيلية أوسع” لإثارة التوترات وأن السلطات الإسرائيلية لم ترد بقسوة كافية مع الحكم على روهان.
ويعتقد روهان، وهو مسيحي، أنه اختير لتنفيذ تدمير المسجد بناء على “تعليمات إلهية”، في محاولة للسماح لليهود في إسرائيل ببناء “المعبد الثالث” في موقع المسجد، وهو ما من شأنه تمكين “المجيء الثاني” ليسوع.
واعتبر أن المسجد “يتدخل في مجيء المسيح والمسيح”.
وقال روهان خلال محاكمته إن “الله أراد منه بناء الهيكل الجديد، وكان من المقرر أن يصبح ملكًا على القدس”، بحسب ما ذكره موقع “واي نت” الإخباري الإسرائيلي في عام 2017.
“نعم، أنا من أشعل النار في المسجد الأقصى، وأنا من نسل عائلة الملك داود، وملكة إنجلترا قريبة لي”، وذكر أنه تلقى “إشارة من الله” أمرته بإحراق المسجد.
كما وقع الهجوم بعد عامين من ضم إسرائيل للقدس الشرقية سعيا للسيطرة عليها، في خطوة اعتبرها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة غير قانونية. كما جاءت هذه الخطوة في الوقت الذي احتلت فيه إسرائيل القدس الشرقية عام 1967.
وقد اعتقلت الشرطة الإسرائيلية روهان، وهو جزّاف أسترالي كان يعيش في القدس منذ ستة أشهر، بعد يومين من الهجوم، قبل محاكمته وإعلانه “مجنوناً”. ثم تم ترحيله إلى أستراليا في عام 1974 “لأسباب إنسانية”، حتى يتمكن من طلب “مساعدة نفسية” من عائلته القريبة.
وكان قد حاول إشعال النار في المسجد قبل الحادث بعشرة أيام، في 11 أغسطس/آب، عن طريق سكب الكيروسين من خلال ثقب المفتاح في البوابة الجنوبية الشرقية، إلا أن محاولته باءت بالفشل.
وفي حديثه لـ«العربي الجديد»، قال الباحث والكاتب نواف زاهو إن روحان «ما كان ليقدم على فعلته الإجرامية لولا أن العقلية الصهيونية اليمينية المدمرة انكشفت في وقت مبكر جداً، خاصة بعد العدوان والاحتلال عام 1967».
وضرب زاهو مثالاً عندما قال الحاخام العام شلومو غورين، الحاخام الأكبر للجيش الإسرائيلي آنذاك، للقائد عوزي نركيس إنه “يعمل على تفجير قبة الصخرة والمسجد الأقصى من أجل التخلص منهما مرة واحدة وإلى الأبد”.
“بين حرق الأقصى واليوم، ما لم ينتفض الجميع لإنقاذ القدس والأقصى وفلسطين، فإن إسرائيل لن تتوقف عن ابتلاع المدينة ومقدساتها الإسلامية والمسيحية”.
ويرى المجلس، والفلسطينيون بشكل عام، أن مثل هذه الاعتداءات والسياسات تأتي في إطار محاولات إسرائيل “تهويد” مدينة القدس، ومحو طابعها الإسلامي والمسيحي لإفساح المجال لطابع أكثر يهودية.
الحرم القدسي مبررا للهجمات
ويعتقد أن الهيكل الثالث بني في العصور القديمة، بحسب سفر زكريا، وهو نفس الشعور الذي يردده المتطرفون الإسرائيليون اليوم، حيث يسعون إلى تدمير الموقع الإسلامي وإفساح المجال لبناء “الهيكل”.
ويشير العديد من الإسرائيليين المتطرفين إلى منطقة جبل الهيكل، بما في ذلك الوزير اليميني المتطرف إيتمار بن جفير، حيث يستخدمونها “ذريعة” لمداهمة المسجد ومجمعه.
علاوة على ذلك، فشلت الحفريات وعلماء الآثار حول المسجد على مر السنين في العثور على أدلة على وجود الهيكل، على عكس ما يدعي بعض الإسرائيليين.
وبعد عقود من الزمن، لا يزال المسجد الأقصى يشكل نقطة خلاف بين الفلسطينيين والإسرائيليين اليمينيين، الذين فرضوا قوانين تحد من وصول المسلمين إلى الموقع من خلال زيادة نقاط التفتيش وتقليل صلاحية التصاريح.
كما قلصت الحكومة الإسرائيلية إمكانية الوصول إلى المسجد والمجمع خلال شهر رمضان المبارك، حيث شجع أمثال بن جفير على المداهمات خلال الأعياد اليهودية.
وتعد اقتحامات المسجد أمرا شائعا، حيث يرفع الإسرائيليون في كثير من الأحيان الأعلام الإسرائيلية ويطلقون تصريحات استفزازية في محاولة لاستفزاز المصلين الفلسطينيين.
ورغم هذه الاعتداءات، ظل المسجد الأقصى وساحاته رمزاً للهوية الفلسطينية والمقاومة.
[ad_2]
المصدر