[ad_1]
كل ما نعرفه هو التهديد بالطرد، سواء باستخدام الجرافات في جنين أو طائرات إف-16 في غزة، بقلم محمد ر. مهاويش (حقوق الصورة: Getty Images)
على مدى الأيام السبعة الماضية، كانت الضفة الغربية المحتلة بمثابة كابوس حقيقي. فمن جنين إلى طولكرم وطوباس، داست قوات الاحتلال الإسرائيلي ودباباتها ومركباتها العسكرية على حياة الفلسطينيين، فقتلت 22 فلسطينياً على الأقل وأصابت العشرات.
لقد توقفت الحياة تماما. فقد دمرت الطرق وأغلقت الطرق المؤدية إلى مخيمات اللاجئين، مما أدى إلى تقييد حركة فرق الإنقاذ والدفاع ـ والآن أصبح لزاما على الجرحى أن يدافعوا عن أنفسهم.
وكما حدث معنا في غزة، تعرض سكان الضفة الغربية للإرهاب: فقد تم تقنين الإمدادات الأساسية للحياة مثل الغذاء والدواء، وقطع شبكات المياه والإنترنت والكهرباء والهاتف. وتزعم إسرائيل أنها تنفذ عملية “مكافحة الإرهاب” ضد حماس؛ وقد شهد الفلسطينيون كل هذا وسمعوه من قبل ــ وهذا هو رد الفعل الخبيث للمحتل الذي يفقد قبضته.
ولكن الهجوم الإسرائيلي المتزامن على غزة والهجوم على الضفة الغربية يكشفان الكثير. فهما يؤكدان على نمط من مصادرة الأراضي والعنف الجامح ضد الفلسطينيين، بهدف تعزيز السيطرة على الأراضي المحتلة بشكل غير قانوني.
عندما تتعرض إسرائيل للتهديد فإنها تهاجم. وكما حدث في العديد من الدول السابقة، يبدو أنها تفتقر إلى أي مبرر يتجاوز أجندة أوسع نطاقا لتهجير الفلسطينيين وتسريع مشروعها الاستعماري الاستيطاني التوسعي ــ الذي تشجعه العادات الفاشية ــ والذي أصبح جزءا لا يتجزأ من المشروع الصهيوني منذ عام 1948.
النكبة الثانية في الضفة الغربية؟
من الواضح أن الرواية الإسرائيلية التي تتعرض للسخرية كثيراً حول “استهداف حماس” ليست سوى ذريعة لقمع الوجود الفلسطيني، سواء في جنين أو رفح أو طولكرم أو دير البلح، وأن استدعاء “الأمن” هو كلمة السر للعقاب الجماعي.
على مدى أكثر من سبعة عقود، فشلت إسرائيل في الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني المشروع في الدفاع عن النفس. وتعتبر أي شكل من أشكال المقاومة ـ سواء كانت شفهية أو افتراضية أو مادية ـ أمراً يعاقب عليه القانون. وكل شيء، وأي شيء، يُقابَل بنهاية مميتة.
ولكن تجويع وذبح مخيم للاجئين في الضفة الغربية ليس النصر الاستراتيجي الذي تتصوره إسرائيل. ذلك أن سياسة إسرائيل في اقتلاع الفلسطينيين من جذورهم لن تؤدي إلا إلى تحريك عزيمتهم وكشف جرائمهم على المسرح العالمي. ولن يؤدي طرد الناس بالقوة من ديارهم وإسكات أولئك الذين يتحدثون ضد التمييز والفصل العنصري في الضفة الغربية إلى جلب السلام.
بالنسبة لنا نحن الفلسطينيين ــ في غزة والضفة الغربية وفي المنفى ــ فلسطين ليست مجرد قطعة أرض؛ بل هي هويتنا الأجدادية، ووطننا، وحلمنا بالعيش حرا من الاحتلال وسلاسل الاستعمار. إن طرد أجدادي من يافا في عام 1948، وعائلتي من غزة في عام 2023، والنزوح المستمر من مخيمات اللاجئين في عام 2024 ليس مجرد تكرار للتاريخ. بل إنه مأساة مستمرة.
إننا ندرك أن الهجوم الإسرائيلي الأخير على الضفة الغربية ليس سوى مظهر آخر من مظاهر إيديولوجية إسرائيل في العمل، والتي تهدف إلى تفكيك نضالات المقاومة وتشريد المزيد من السكان اللاجئين بالفعل. وتذكروا أن إسرائيل تريد القضاء على فكرة الفلسطيني من خلال تقويض التطلعات الوطنية وإدامة دورة التهجير والنفي.
من عام إلى آخر، أصبح كل بيت فلسطيني ساحة معركة. كل ما نعرفه في فلسطين هو التهديد بالطرد، سواء بالجرافات في جنين أو طائرات إف-16 في غزة.
لا ندري متى سينتهي هذا الهجوم، ولكن هذا لن يكون الأخير. عاجلاً أم آجلاً، سينسحب الجيش الإسرائيلي من جنين وطولكرم وطوباس، ليعود تحت ستار الحفاظ على “النظام والأمن”، في حين أن الهدف الحقيقي هو حق الفلسطينيين في الوجود. ومهما كانت استراتيجية إسرائيل، فإن الهدف واحد: زيادة معاناة الفلسطينيين من أجل تحقيق مكاسب سياسية لإسرائيل.
ولكن ما دام الاحتلال الإسرائيلي مستمراً فإن الشعب الفلسطيني سيظل يحمل ثقل التاريخ والحق المشروع في الدفاع عن نفسه. والموت بكرامة هو الخيار المفضل، بينما الخيار الآخر هو الحياة في ظل التمييز والظلم والمحو. لقد صمدت جنين خلال “معركة جنين” في عام 2002، وستظل صامدة اليوم، تماماً كما ترفض الجمر المتوهجة في غزة أن تنطفئ.
محمد ر. مهاويش، صحفي فلسطيني متعدد الوسائط حائز على جوائز من مدينة غزة، هو كاتب وباحث مستقل ومؤلف ضيف لكتاب أرض بشعب
تابعوه على تويتر: @MohammRafik
هل لديك أسئلة أو تعليقات؟ راسلنا على البريد الإلكتروني: editorial-english@newarab.com
الآراء الواردة في هذه المقالة تظل آراء كاتبها ولا تعكس بالضرورة آراء العربي الجديد أو هيئته التحريرية أو العاملين فيه.
[ad_2]
المصدر