[ad_1]
أشخاص فروا من قراهم في جنوب لبنان يلجأون إلى مدرسة تحولت إلى مأوى مؤقت في العاصمة بيروت في 24 سبتمبر 2024. (جيتي)
اجتاحت موجة جديدة من النزوح الأمة اللبنانية المحاصرة خلال اليومين الماضيين، حيث كثفت إسرائيل ووسعت نطاق ضرباتها الجوية على البلاد، مما أسفر عن مقتل أكثر من 500 شخص وإصابة الآلاف، في حين هددت باستهداف المناطق التي تقع خارج سيطرة عدوها اللدود حزب الله، المجموعة العسكرية التي تخوض معها تبادلا عنيفا لإطلاق النار منذ ما يقرب من عام.
لقد أدى العدد الهائل من المركبات المحملة بالعائلات الهاربة إلى إغلاق الطرق التي تمتد من المناطق الجنوبية إلى المدن الواقعة في الشمال، مثل صيدا وبيروت، وصولاً إلى عكار، على بعد حوالي 190 كيلومتراً من مدينة صور الجنوبية. إن الازدحام المروري الذي يستمر لساعات، والطوابير الطويلة أمام محطات البنزين من سائقي السيارات الذين يسعون إلى ملء خزانات سياراتهم، فضلاً عن المتاجر الكبرى المكتظة بالناس الذين يخزنون المواد الغذائية الأساسية تحسباً لحرب شاملة، يعكس حالة الفوضى والذعر التي تجتاح البلاد.
ويتعرض جنوب لبنان لهجوم متواصل من قبل إسرائيل منذ الثامن من أكتوبر/تشرين الأول، بعد أن بدأ حزب الله إطلاق النار على المناطق الشمالية لإسرائيل دعماً لفلسطين وللضغط على تل أبيب لإنهاء حربها الإبادة الجماعية البشعة على غزة.
وأجبرت الاشتباكات عبر الحدود آلاف الإسرائيليين على الفرار من المناطق الشمالية، وتزعم الحكومة الإسرائيلية أنها تهدف إلى إعادتهم إلى ديارهم من خلال تصعيد ضرباتها ضد حزب الله في محاولة لإبطاء هجماته.
وعلى الجانب اللبناني، دفعت الغارات الجوية الإسرائيلية أكثر من 102 ألف شخص إلى الفرار من الأجزاء الجنوبية من البلاد منذ الثامن من أكتوبر/تشرين الأول، مما أسفر عن مقتل صحفيين وأفراد من الطاقم الطبي وغيرهم من المدنيين. وارتفع عدد النازحين والجرحى والقتلى خلال اليومين الماضيين فقط كرد فعل على الهجمات الإسرائيلية المكثفة.
قالت الحكومة يوم الاثنين إن عشرات المدارس في جميع أنحاء البلاد فتحت أبوابها للنازحين داخليًا، والتي امتلأت بسرعة مع التدفق المستمر من جنوب لبنان والبقاع وأماكن أخرى. بعد فترة وجيزة، ظهرت تقارير غير مؤكدة على وسائل التواصل الاجتماعي تفيد بأن بعض هذه المدارس امتلأت بالفعل بالعائلات الهاربة، بينما لجأ البعض الآخر إلى وسائل التواصل الاجتماعي للتوسل للحصول على مأوى أو للمساعدة في النقل.
وسارع المواطنون والمجتمع المدني إلى تقديم المساعدة، وتوفير المأوى للنازحين في إظهار للوحدة والتضامن.
تم إنشاء مجموعة على تطبيق واتساب تجمع بين أصحاب العقارات الذين يعرضون المأوى وأولئك الذين يبحثون عن مأوى صباح يوم الاثنين. وبحلول فترة ما بعد الظهر، رفض التطبيق طلبات الانضمام حيث وصلت المجموعة بسرعة إلى الحد الأقصى لعدد الأعضاء المسموح لهم بالدخول.
قالت رئيسة جمعية إنماء الشوف المحامية دعد اللقيس لـ«العربي الجديد»، الاثنين، إن «مدينة برجا فتحت منازلها أمام النازحين، خصوصاً أنها الأقرب إلى صيدا».
وأضافت أن “برجا ذات الأغلبية السنية فتحت أيضا مدارسها الحكومية الأربع لاستقبال النازحين”، مشيرة إلى “أننا قد نستكمل غدا بفتح أماكن في المدارس الخاصة، كما قمنا بتزويد أهلنا بالفرش والبطانيات والطعام من خلال توزيع وجبات الطعام والمياه”.
منذ بداية العنف، اشتعلت خطوط الصدع الطائفية والسياسية العميقة في المجتمع اللبناني المتعدد الأديان، حيث أيد الكثيرون حزب الله الشيعي في حربه ضد إسرائيل دعماً للفلسطينيين، في حين أدان آخرون الجماعة لتسببها في زيادة الضغوط على البلد الذي يعاني من ضائقة مالية. وحتى في الآونة الأخيرة، كانت هناك تقارير محلية عن احتجاجات أو منع بعض المجتمعات من جنوب لبنان من اللجوء.
ومع ذلك، وخاصة منذ الهجمات التي وقعت الأسبوع الماضي باستخدام أجهزة النداء واللاسلكي، فإن مثل هذه الأصوات والأعمال المثيرة للانقسام قد تضاءلت مقارنة بالإيماءات الوطنية للتضامن.
وقالت نائبة رئيس جمعية الشوف رويدا دقدوقي، إن الجمعية تمكنت، بالتعاون مع بيروت، من إنشاء 550 موقعاً للنازحين في البرجا، واستضافت أكثر من 3000 شخص، وقدمت أكثر من 500 وجبة طعام، بالإضافة إلى الأغطية والمياه وغيرها من الإمدادات الأساسية.
في الساعات الأولى من صباح الثلاثاء، كانت الطرق المؤدية إلى خارج جنوب لبنان لا تزال مزدحمة بالمركبات التي تحاول الفرار، وكان الناس يناشدون على وسائل التواصل الاجتماعي قوات الأمن المحلية للمساعدة في تنظيم حركة المرور، حيث تقطعت السبل ببعض العائلات منذ يوم الاثنين على الطرق المغلقة بسبب حركة المرور، دون طعام أو ماء.
وقد أدى هذا التدفق إلى زيادة الجهود التطوعية لاستيعاب المزيد من الأشخاص. وعلاوة على ذلك، ووفقًا لصحيفة الأخبار اللبنانية، فقد قام حزب الله أيضًا بتفعيل خطط الإجلاء وأرسل متطوعين لدعم هذه المبادرات.
قال رئيس بلدية بيصور نديم ملاعب لـ«وكالة الصحافة الوطنية» إن ناشطين وفعاليات اجتماعية في البلدة الواقعة على بعد 80.5 كيلومتراً شمال مدينة صور، عملوا على تأمين سكن لـ300 شخص في المدارس الرسمية الثانوية والمتوسطة، في نحو 17 غرفة.
وأوضح أن “الفصل الدراسي يستوعب عائلتين، والجدير بالذكر أنه تم توفير 75 مرتبة و50 بطانية، كما قدمت وكالات الإغاثة المحلية 45 مرتبة”.
وأضاف أن “عدد المنازل الفارغة للإيجار قليل، وبعض العائلات تم إيواؤها بدون أثاث، لكن هناك 520 منزلاً يسكنها 2700 نازح سوري، بعضها منازل قديمة ومهجورة، والناس ما زالت تصل، ونحن نقوم بتسجيلهم”.
وعن أعمال التضامن، قالت مريم حيدر، وهي معلمة ثانوية في مدرسة الملعب الرسمية في طرابلس، وهي سنية، إنهم فتحوا وحدتين سكنيتين واحدة في طرابلس والأخرى في دير عمار، لعائلتين من الجنوب والضاحية. وقالت حيدر عبر الهاتف: “أنا موظفة في الدولة اللبنانية، وهذا يعني أنني أهتم بكل لبناني، بغض النظر عن طائفته أو انتمائه”.
وقالت “استقبلت في بيتي الخاص عائلة من الضواحي وهم عائلتي وإخوتي، وأتمنى أن يكون عندي مائة أو ألف بيت أفتحها لإخوتي في الوطن”.
وتابعت: “في الأزمات تلغى الطائفية، لأن اللبنانيين هم دمي ولحمي وكرامتي وشرفي، ونحن في طرابلس نفتح بيوتنا دائماً في السلم والحرب للناس الشرفاء من كل أنحاء الوطن، ولولا أهل الجنوب لما كان هناك لبنان”.
تم نشر هذه المقالة بالتعاون مع إيجاب.
[ad_2]
المصدر