[ad_1]
السودان – لم تسلم صناعة السكر، شأنها شأن قطاعات أخرى من الاقتصاد السوداني ومؤسساته الصناعية، من الحرب التي اندلعت في الخامس عشر من إبريل/نيسان 2023. وقد طال الدمار بشكل خاص منشآت إنتاج السكر، خاصة بعد أن امتد الصراع إلى ولايات الجزيرة والنيل الأبيض وسنار، حيث كانت خمسة من مصانع السكر الستة العاملة تقع في بداية الحرب. وقد تضرر اثنان من هذه المصانع بشكل مباشر وتكبدت خسائر بسبب الحرب، بينما تكافح المصانع الأربعة المتبقية العديد من التحديات التي تعيق عملها بشكل طبيعي.
السكر سلعة استهلاكية حيوية في السودان، حيث يبلغ معدل استهلاك الفرد من السكر واحداً من أعلى المعدلات على مستوى العالم. وبلغ متوسط الإنتاج المجمع لمصانع السكر الستة في السنوات الأخيرة نحو 427 ألف طن، في حين أن طاقتها الإنتاجية القصوى ينبغي أن تتجاوز 750 ألف طن من السكر الأبيض. وقدر الاستهلاك السنوي قبل الحرب بنحو مليون طن، مما أدى إلى عجز سنوي تم تغطيته من خلال استيراد السكر وإعادة تعبئته محلياً.
وتنتج مصانع السكر أيضًا منتجات أخرى مفيدة ماليًا مثل الميثانول والكحول للأغراض الطبية وأعلاف الحيوانات. بالإضافة إلى ذلك، تشتمل الدورة الزراعية، إلى جانب قصب السكر، على الحبوب المختلفة والخضروات وتربية الدواجن. ويعمل في هذا القطاع العديد من العمال الموسميين لزراعة وحصاد قصب السكر، فضلاً عن العمال المهرة والمهنيين في العمليات الصناعية.
أصبحت مصانع السكر هدفًا لقوات الدعم السريع بسبب احتياطياتها من الوقود للزراعة وتوليد الطاقة وأساطيلها الكبيرة من الآلات الزراعية، مثل الجرارات ومركبات النقل، والتي يمكن إعادة استخدامها للاستخدام العسكري. علاوة على ذلك، فإن مخزونات السكر نفسها مغرية للاستيلاء عليها والتجارة. وعلى هذا النحو، كانت المصانع مواقع لمعارك ضارية بين قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية.
سكر الجنيد أول مصنع تعرض للنهب
كان مصنع سكر الجنيد أول مصنع يتعرض للهجوم أثناء غزو قوات الدعم السريع للجزيرة. وأشارت التقارير إلى أن قوات الدعم السريع اقتحمت مصنع سكر الجنيد في 18 ديسمبر 2023، ونهبت جميع مخزونات السكر والسيارات والجرارات وبعض المعدات المكتبية. وعلى الرغم من عدم وجود تقديرات دقيقة للخسائر المتكبدة، فمن المؤكد أن إغلاق المصنع لفترة طويلة تتجاوز العام سيشكل صعوبات كبيرة في استئناف العمليات والحصول على قطع الغيار.
يقع مصنع سكر الجنيد، وهو الأول من نوعه في السودان الذي تأسس عام 1962، على الضفة الشرقية لنهر النيل الأزرق، على بعد حوالي 120 كيلومترًا جنوب العاصمة الخرطوم، وأقرب مدينة كبيرة هي رفاعة، التي سيطرت عليها قوات الدعم السريع في نفس التاريخ. يغطي المصنع والمزرعة التابعة له مساحة 20 ألف فدان مخصصة لزراعة قصب السكر. تم تصميمه لإنتاج 66 ألف طن من السكر الأبيض، لكن السنوات الأخيرة شهدت انخفاض الإنتاج إلى حوالي 20 ألف طن. يواجه المصنع مشاكل كبيرة تتعلق بالآلات القديمة، والحاجة إلى قطع غيار باهظة الثمن، وتكاليف التشغيل الزراعية المرتفعة، ونقص الكهرباء، ونقص الموارد اللازمة، وانخفاض أجور العمال.
مصنع سكر غرب سنار
بعد التقدم إلى ولاية سنار من الجزيرة، هاجمت قوات الدعم السريع مواقع القوات المسلحة السودانية حول مصنع سكر غرب سنار، مما أجبرهم على الانسحاب. في 26 ديسمبر، تعرض مصنع سكر غرب سنار لهجوم من قبل مغتصبين نهبوا مخازن السكر والمركبات، على الرغم من أنه ورد أن هذا حدث تحت أعين قوات الدعم السريع. في نفس اليوم، قصفت الطائرات العسكرية المصنع والمناطق المحيطة به، مما تسبب في خسائر لم يتم تقييمها بشكل مستقل. في اليوم التالي، هاجمت قوات الدعم السريع “مركز أبحاث قصب السكر”، أحد أهم مرافق الأبحاث في السودان، ونهبت محتوياته. لم ينجح الهجوم المضاد الذي قادته القوات المسلحة السودانية في 2 مارس 2024 لاستعادة المصنع.
تأسس مصنع سكر غرب سنار، الذي يقع على بعد 300 كيلومتر جنوب الخرطوم على الضفة الغربية للنيل الأزرق وإلى الغرب مباشرة من مدينة سنار، في سبعينيات القرن الماضي في عهد نظام مايو على مساحة 35 ألف فدان لإنتاج السكر الأبيض.
وواجه مصنع سكر غرب سنار، مثله كمثل مصانع السكر الأخرى، تحديات كبيرة، حيث انخفض إنتاجه إلى نحو 40 ألف طن من السكر. ويعتقد الخبراء أن المصنع سيحتاج إلى إصلاح شامل بعد الحرب بسبب إغلاقه لفترة طويلة، ومعداته القديمة، وفقدان الخبرة التشغيلية.
المصانع لم تتأثر بالحرب بعد
تظل أربعة من مصانع السكر الستة في السودان في مأمن من الدمار والنهب بسبب وجودها حاليًا خارج مناطق الصراع، وتحديدًا مصنع سكر حلفا الجديد، ومصنع سكر كنانة، ومصنع سكر عسلاية، ومصنع سكر النيل الأبيض. يقع أحد هذه المصانع، مصنع سكر حلفا الجديد، في ولاية كسلا، التي ظلت حتى الآن بعيدة عن العمليات العسكرية، بينما تقع المصانع الثلاثة الأخرى في ولاية النيل الأبيض، وتمتد أراضيها الزراعية إلى ولاية سنار.
هذه المصانع الثلاثة هي الأكبر والأحدث، وتستخدم معدات وآلات متقدمة نسبيًا: مصنع سكر كنانة، ومصنع سكر عسلاية، ومصنع سكر النيل الأبيض. وتقترب المعارك من هذه المصانع من ثلاث جهات، رغم أن الهدف النهائي لقوات الدعم السريع هو مدينة كوستي، مقر الفرقة 18 مشاة التابعة للقوات المسلحة السودانية. وتتحرك الجبهات من الشمال إلى الجنوب على طول النيل الأبيض من أم درمان وجبل أولياء باتجاه الدويم وربك، ومن الجنوب إلى الشمال من ولاية سنار باتجاه قاعدة كنانة الجوية وربك، ومن الشرق إلى الغرب من جبل موية باتجاه ربك.
مصنع سكر الكنانة
تأسست شركة كنانة في منتصف سبعينيات القرن الماضي، وهي أكبر مصنع للسكر في السودان، وتغطي مساحة شاسعة تبلغ 165 ألف فدان منتشرة بين ولايتي النيل الأبيض وسنار. وتهدف الشركة إلى إنتاج نحو 400 ألف طن من السكر الأبيض عالي النقاء للتصدير، لكن السنوات الأخيرة شهدت انخفاضاً إلى نحو 250 ألف طن سنوياً في المتوسط بسبب توقف الاستثمارات الرأسمالية اللازمة لتوسيع الإنتاج.
ويقع المصنع على بعد 21 كيلومترا جنوب شرق ربك و270 كيلومترا جنوب الخرطوم، كما يقع على مقربة من قاعدة كنانة الجوية، ثالث أهم قاعدة جوية للقوات المسلحة السودانية بعد وادي سيدنا ومروي، نظرا لسيطرة قوات الدعم السريع على عدة مطارات وتعطل العمليات في قواعد أخرى.
ويخشى خبراء من أن يؤدي أي هجوم على المصنع والمناطق المحيطة به إلى خسائر تصل إلى مليارات الدولارات وهروب الاستثمارات الأجنبية، حيث يعد مصنع سكر كنانة نموذجاً للاستثمار المشترك بين رأس المال الأجنبي والمحلي والحكومة السودانية.
مصنع سكر عسلاية
افتتح مصنع سكر عسلاية عام 1980، ويقع على بعد 280 كيلومترًا جنوب العاصمة الخرطوم، على مساحة 35 ألف فدان بطاقة إنتاجية تبلغ حوالي 110 ألف طن سنويًا. ومع ذلك، واجه المصنع مشاكل كبيرة في السنوات الأخيرة، بما في ذلك نقص قطع الغيار، ومشاكل الكهرباء، وتقليص مساحته الزراعية، التي تقتصر الآن على 13 فدانًا، مع انخفاض متوسط الإنتاج السنوي إلى حوالي 35 طنًا من السكر. سيكون مصنع سكر عسلاية معرضًا للخطر الفوري إذا تعرضت مدينة ربك، عاصمة ولاية النيل الأبيض، لهجوم من قوات الدعم السريع، حيث تقع على بعد خمسة كيلومترات فقط شمال ربك.
اشترك مجانًا في النشرة الإخبارية AllAfrica
احصل على آخر الأخبار الأفريقية مباشرة إلى صندوق بريدك الإلكتروني
نجاح!
تقريبا انتهيت…
نحن نحتاج إلى تأكيد عنوان بريدك الإلكتروني.
لإكمال العملية، يرجى اتباع التعليمات الموجودة في البريد الإلكتروني الذي أرسلناه إليك للتو.
خطأ!
حدثت مشكلة أثناء معالجة طلبك. يرجى المحاولة مرة أخرى لاحقًا.
مصنع سكر النيل الأبيض
تدور المناقشات المحيطة بصناعة السكر في السودان غالباً حول مصنع سكر النيل الأبيض، الذي كان غارقاً في الجدل منذ إنشائه. فقد واجه بناء المصنع العديد من المشاكل، مما أدى إلى تضخم تكلفته إلى حوالي مليار دولار، وكانت هناك مزاعم واسعة النطاق بالفساد تورط فيها كبار الشخصيات في حزب المؤتمر الوطني المنحل الآن. وعلاوة على ذلك، أعاقت الشركات الأمريكية، التي كانت مقيدة بالعقوبات في ذلك الوقت، عمليات المصنع الأولية، حيث رفضت توفير برامج التشغيل الأساسية للآلات والمعدات. تم الانتهاء من المصنع في عام 2003، ويقع على الضفة الشرقية لنهر النيل الأبيض، على بعد 150 كيلومترًا جنوب الخرطوم، ويغطي مساحة 165000 فدان. وقد تم تصميمه لإنتاج ما يصل إلى 400000 طن بكامل طاقته وحوالي 125000 طن في مراحله التشغيلية المبكرة.
مصنع حلفا الجديد للسكر
ثاني مصنع للسكر في السودان أنشئ عام 1963 ضمن مشاريع توطين أهالي حلفا، ويقع على بعد 400 كيلومتر شرق الخرطوم بولاية كسلا، وأقرب مدينة لمنطقة المشروع هي حلفا الجديدة، ويغطي المصنع مساحة 40 ألف فدان، وكان من المقرر أن ينتج نحو 60 ألف طن من السكر الأبيض، لكنه لم يتمكن من إنتاج سوى نحو 20 ألف طن سنويا خلال السنوات الأخيرة، ولم يتأثر المصنع بشكل مباشر بالصراع الحالي، حيث لم تشهد ولاية كسلا بعد عمليات عسكرية، إلا أنه يواجه تحديات كبيرة تتعلق بإمدادات الكهرباء والعمالة الماهرة ونقص العمالة الموسمية وارتفاع تكاليف الإنتاج بسبب قدم المصنع وارتفاع تكلفة قطع الغيار.
[ad_2]
المصدر