[ad_1]
رفح، قطاع غزة – يقف شهاب، 19 عامًا، وهو ينظر بتردد إلى الكاميرا، وكأنه غير متأكد مما إذا كانت ستؤذيه أم أنه يريد أن يشاركه آلامه.
يبدأ كلامه قائلاً: “اسمي شهاب عمر أبو الهندود”. “توفيت أمي. اسمها غادة يوسف أحمد أبو الهندود”.
إنه نحيف للغاية وبالكاد خرج من مرحلة الطفولة، وشعر وجهه متناثر، وأسنانه غير متساوية، وتفاحة آدم البارزة التي لم ينمو فيها بعد. ترتعش نظراته وهو يلقي السطر الذي هو سبب هذه المقابلة.
ترجمة: الوداع الأخير
وكانت صورة ومقطع فيديو لشهاب وهو متمسك بجثة والدته المكفنة على سرير المستشفى في رفح، غافلاً عن الدماء التي تتسرب عبر الكفن، قد ترددت يوم الاثنين الماضي عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
أمضى أكثر من ساعة وهو يحتضنها بقوة، لا يستجيب لأحد، لا يتحرك على الإطلاق في صدمته العميقة.
تأثر الآلاف من مشهد خسارته وألمه، وأطلقوا عليها اسم “الوداع الأخير”. وسرعان ما تم تقديمه كلوحة فنية وفيديو لاحتضانه اليائس مع الموسيقى المفجعة.
شهاب
شعر شهاب مصفف وأنيق، وكذلك ملابسه، وكانت والدته غادة تعتني به جيدًا.
من الواضح أنه يحاول أن يكون “بالغًا” ويتحكم في عواطفه، لكن هذا الجهد يبدأ في الظهور على الفور عندما يبدأ في سرد قصة فقدان والدته.
ومن الواضح أيضًا أنه مرتبط جدًا بها، حتى قبل أن يخبر الجزيرة بما تعنيه له ولعائلته بأكملها.
قال: “لقد كانت كل شيء بالنسبة لي”. “لقد كانت أمي وأختي وصديقتي. الحياة بدونها ليس لها معنى.
رمضان على الأبواب.. من دون أمي. ثم العيد… بلا أمي. لا أحد يستطيع أن يشعر بما أمر به.
“لدي الحق في أن يكون لي أم… الحق في العيش مع أمي.”
شهاب عمر أبو الهندود يقف وسط الدمار ليتحدث لقناة الجزيرة عن وفاة والدته (Screengrab/سند/الجزيرة)
وقال إن غادة كانت “ملاكًا على هيئة إنسان” كانت موجودة دائمًا لمساعدة الأشخاص الذين يحتاجون إليها، وتكتفي بمساعدتهم بصمت دون المطالبة بأي فضل.
إن أخذ هذا الملاك منهم لا يزال خارج نطاق فهم شهاب، ومن العزاء له أن يخضع لإرادة الله ويذكر نفسه بأن الله يختار الخير.
تتعثر جهوده في حبس دموعه وهو يتحدث إلى قناة الجزيرة، وعيناه العسليتان تمتلئان وتتوضّحان عندما يرمش بهما بعيدًا.
غادة
كانت غادة هي الشخص الوحيد الذي قُتل في المبنى الذي كان يأوي إليه 45 شخصًا تلك الليلة.
وحتى وقت قصير قبل الهجوم، كانت تقيم مع والديها في تل السلطان، لكنها عادت إلى رفح لتكون مع أطفالها وزوجها.
كان الأربعة نائمين في غرفة واحدة، والديهم على السرير، وشهاب وشقيقه الأصغر على مرتبة على الأرض.
لم يكن شهاب قد ذهب إلى النوم بعد، وكان مستيقظًا ويتصفح هاتفه عندما وقعت الضربة الأولى، وسقطت خلف المنزل لتضرب المسجد هناك.
نهض الجميع مسرعين خارج الغرفة. لكن أمه توقفت: أرادت أن ترتدي رداء الصلاة لتستر نفسها قبل أن تغادر المنزل.
شهاب عمر أبو الهندود لا يزال في حالة صدمة مما أصبح الآن “حياة بلا معنى” بعد وفاة والدته غادة يوسف أحمد أبو الهندود (Screengrab/سند/الجزيرة)
ولم يكن لديها ما يكفي من الوقت لسحب الرداء فوق رأسها قبل أن تضربها ضربة أخرى ويسقط الحطام على الجميع.
بدا الأمر وكأنها اختفت، وسرعان ما تبددت أمل شهاب في الخروج، ووجدوا غادة تحت خزانة ملابس سقطت فوقها.
“ظللنا نناديها باسمها، وتوسل إليها أن تتحدث إلينا، لكنها لم تكن قادرة على الرد. قال شهاب: “لقد أصيبت بجروح خطيرة للغاية”.
رفع والده غادة على كتفه لينقلها إلى المستشفى، لكنهم حرصوا على التوقف عند الباب لتغطيتها بالروب كما كانت تحاول أن تفعل.
كان المستشفى مكتظًا بالجرحى، لكنهم تمكنوا أخيرًا من الحصول على نقالة لنقلها إلى الخيمة حيث يعالج الجرحى.
رجل يتفاعل بجانب جثث الفلسطينيين الذين قتلوا في الغارات الإسرائيلية على مستشفى أبو يوسف النجار في رفح، 12 فبراير 2024 (محمد سالم / رويترز)
وهناك، ألقى عليها الطبيب المسؤول نظرة واحدة وأخبرهم أنه لا يوجد أمل وأنه يجب نقلها إلى الخيمة حيث توجد جثث المتوفين. كانت غادة لا تزال تتنفس، ولكن يبدو أن الطبيب قد اتخذ القرار المؤلم بحفظ الموارد المتوفرة في المستشفى لشخص من المرجح أن ينجو.
قاومت الأسرة واحتجت وضغطت حتى تراجع الطبيب وأمر بإعادتها إلى خيمة العلاج ووضعها على السوائل الوريدية والأكسجين. وتمكنت من البقاء على قيد الحياة لمدة 40 دقيقة أخرى، ونظرت إلى عائلتها كما لو كان لديها الكثير من الأشياء التي تتمنى أن تقولها.
يصلي عليها ويحتضنها ويهمس في أذنها، وبقي شهاب مع أمه حتى “رحلت، ذهبت روحها إلى رحمة الله”.
الإزاحة
وكانت عائلة أبو الهندود تسكن في شارع الشهداء بمدينة غزة.
وقد دفعهم القتال إلى مخيم النصيرات للاجئين، ثم إلى رفح.
في البداية، عندما كانوا في النصيرات، كانوا يأملون أن يتمكنوا من العودة إلى شارع الشهداء، لكن الوضع بقي مرعباً وسمعوا أن على الجميع مواصلة التحرك جنوباً.
فتوجهوا إلى رفح.
يتلوى وجه شهاب عندما يتذكر أنه قيل لهم إن رفح ستكون منطقة آمنة.
ويقول بغضب بريء: “حتى أنهم ضربوا المسجد، دون سابق إنذار”.
[ad_2]
المصدر