مدارس غزة مغلقة، لكننا نتعلم في مدرسة الحرب

مدارس غزة مغلقة، لكننا نتعلم في مدرسة الحرب

[ad_1]

ولم يتلق أطفال المدارس النازحون في غزة أي شكل من أشكال التعليم منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر. (غيتي)

لقد تم تعليق الدروس الروتينية في جميع أنحاء غزة منذ صباح يوم السبت 7 تشرين الأول/أكتوبر، ولم نشهد بعد أسبوعًا من استئناف الدراسة.

كنت أعتقد أن التعلم هو أمر منهجي، يتبع نظامًا تعليميًا في المدرسة، في الفصول الدراسية، يخطط له المعلمون، كما كان الحال خلال خبرتي المتواضعة في التعليم والتي تبلغ ستة عشر عامًا، وكما اتفق عليه معظم المعلمين في العالم. لكن ما يحدث هنا في قطاع غزة غيّر اعتقادي بذلك.

واليوم، لا يتعلم الصغار والكبار على حد سواء في الفصول الدراسية، بل في مدرسة الحرب في غزة. هنا، كل يوم، تُروى، وتُعاش، وتُسمع، وتُدرس، وتُكتب، كما ينزف ألف جرح. ومن جراحنا العميقة، تعلمنا، ومازلنا نتعلم، وسنتعلم ما لم يتعلمه هذا العالم أجمع بعد.

لقد أصبح الناس في قطاع غزة خبراء في وضع خطط حياة بديلة؛ تجدهم تارة في القصور الفخمة، وتارة أخرى في الملاجئ، وتارة في خيام اللاجئين. شعب غير قابل للكسر، يجيد التكيف مع كافة الظروف والمواقف، حتى أصعبها وقسوتها.

لقد أجبرت الحرب أكثر من مليونين وثلاثمائة ألف فلسطيني في غزة على التعلم من خلال التجربة والاكتشاف والممارسة ما لم تتمكن المدارس من تعليمهم إياه، وما لا يمكن قراءته أبدًا في الكتب المدرسية المنهجية أو اللامنهجية.

وفي قطاع غزة تجد أطفالاً متخصصين في التحليل السياسي منذ صغرهم؛ يعرفون لغة بلدهم وهي تعرفهم. ويجيدون الاستماع إلى كبارهم في جلساتهم في أروقة مراكز الإيواء وداخل الفصول الدراسية التي تؤوي الآن مئات الآلاف منهم.

إنهم يربطون تاريخ بلادهم بما يعيشون فيه اليوم. بالخبرة يسهل عليهم تحليل الأحداث وما يحدث في ساحة المعركة، ويسهل عليهم التنبؤ بما سيأتي. وهم يعرفون جيداً كيف يتحملون الأزمات وكيف يتغلبون على الصعوبات. إنهم يعلمون جيداً أن النعم لا تدوم، وأن الظروف المعيشية المتقلبة منحتهم نوعية من الصمود نادراً ما تجدها في أي بلد آخر باستثناء غزة.

تجدهم يتحدثون عما حدث وما سيحدث في فلسطين، فالتاريخ لا يزال يعيد نفسه وما زالت المصائب تحل بهذا الشعب المكلوم، ويتعلمون من التجربة والواقع المرير مرارا وتكرارا آلاف المرات.

“قد تكون المساعدات الخارجية قادرة على تجديد وإعادة بناء الفصول الدراسية، ولكن ماذا عن آلاف الطلاب والمعلمين الذين قتلتهم إسرائيل؟ من سيعوضنا عن جيلنا الضائع؟”

بعد حرمانهم من التعليم، يتعلم أطفال غزة كيفية البقاء على قيد الحياة

— العربي الجديد (@The_NewArab) 18 فبراير 2024

لقد أصبح الناس في قطاع غزة خبراء في وضع خطط حياة بديلة؛ تجدهم تارة في القصور الفخمة، وتارة أخرى في الملاجئ، وتارة في خيام اللاجئين. شعب غير قابل للكسر، يجيد التكيف مع كافة الظروف والمواقف، حتى أصعبها وقسوتها.

لقد جعلت الحياة من نساء غزة لبؤات، ومن أطفالها رجالاً، ومن رجالها أبطالاً ذوي شجاعة كبيرة. وأصبح شعبها الآن أيقونات للقدرة على التحمل. وحتى وهم يقدمون عددًا لا يحصى من الشهداء من أبنائهم وعائلاتهم، فإنهم يحبون الحياة، لو أنهم وجدوا طريقًا للعودة إليها.

لقد علمتنا الحرب كيف نحافظ على حياتنا أمام الدبابات، وتحت الطائرات الحربية، وخارج المنازل المهدمة، وفي قلب شوارع غزة المدمرة. كما علمتنا كيف نهرب مع أطفالنا إلى شواطئ الأمان، مؤمنين دائمًا بأن الله هو خير حافظًا.

لقد علمنا العيش في الملاجئ الصبر والاعتماد على الله. لقد تعلمنا كيف نتحكم في غضبنا، وكيف نعزي الآخرين. لقد علمتنا أن نتعاطف مع الفقراء والمشردين وسكان المساكن غير الملائمة وسكان الخيام على أطراف المخيمات.

لقد غرست حياة المأوى فينا الانضباط في مواجهة الموت. وهنا في غزة تعلمنا بالتجربة القول المأثور: “اصبروا فإن النعم لا تدوم”.

لم تكن حرباً عابرة، بل مرت أيام وشهور من حياتنا، ونحن تحت قصف متواصل براً وبحراً وجواً. وهنا تعلمنا ألا ننحني رؤوسنا إلا لله وحده، وتعلمنا كيف نكون أحرارا في زمن يصعب على كثير من الناس أن يكونوا واثقين من حريتهم وهويتهم ووجودهم.

هل لديك أسئلة أو تعليقات؟ راسلنا عبر البريد الإلكتروني على العنوان التالي: editorial-english@newarab.com

الآراء الواردة هنا هي آراء المؤلف الخاصة، ولا تعكس بالضرورة آراء صاحب العمل، أو آراء العربي الجديد وهيئة التحرير أو الموظفين.

أسماء رمضان مصطفى هي معلمة لغة إنجليزية حصلت على لقب “المعلم العالمي لعام 2020” من قبل مؤسسة جائزة AKS للتعليم في الهند، كما تم الاعتراف بها أيضًا على أنها “المعلم المبدع في فلسطين لعام 2022” لاستخدامها المبتكر لـ التوأمة الإلكترونية في تدريس اللغة الإنجليزية. تعمل كمعلمة في وزارة التربية والتعليم الفلسطينية منذ عام 2008 وهي عضو في فريق التمكين الرقمي في الوزارة.

[ad_2]

المصدر