[ad_1]
وأفاد سكان التجمع أن محاولات نقل المياه من النبع إلى منازلهم أحبطتها مستوطنون إسرائيليون، يزعم أنهم سرقوا أو قطعوا الأنابيب البلاستيكية. (جيتي)
مع ارتفاع درجات الحرارة إلى ما يزيد عن 40 درجة مئوية في قرية العوجا في وادي الأردن بالضفة الغربية المحتلة في شهر يونيو/حزيران هذا العام، يكافح موسى كعابنة، وهو راعي أغنام فلسطيني، لتوفير ما يكفي من مياه الشرب لأسرته وقطيعه.
وتعتبر عائلة كعابنة واحدة من 150 عائلة بدوية فلسطينية تعيش في المنطقة، وتعتمد على رعي الأغنام في معيشتها، وتزعم أن المستوطنين الإسرائيليين يمنعونهم من الوصول إلى نبع القرية، وهو مصدر حيوي للمياه اعتمدت عليه الجماعة منذ ما قبل احتلال إسرائيل للضفة الغربية عام 1967.
وقال لـ”العربي الجديد” “كنا نعيش حياة طبيعية، نشرب ونسقي أغنامنا من نبع العوجا، لكن قبل أشهر أقام المستوطنون بؤرة استيطانية بالقرب من تجمعنا، ومنذ ذلك الحين لم تعد حياتنا كما كانت”.
وأفاد كعابنة، أن المستوطنين بدعم من شرطة وجيش الاحتلال، استولوا بالقوة على نبع مياه القرية، ما أدى إلى قطع المياه عن السكان.
“حرب على بقائنا”
وأضاف “إنهم يزعمون أنها ملك لهم ومحظورة على الفلسطينيين، ويعتمد رزق مجتمعنا على توفر المراعي والمياه، ولكن اليوم حرمنا المستوطنون من الاثنين”.
وأفاد أهالي التجمع أن محاولات نقل المياه من النبع إلى منازلهم أحبطتها مستوطنون إسرائيليون، يزعم أنهم سرقوا الأنابيب البلاستيكية أو قطعوها.
وأضاف كعابنة “الوضع الحالي يعني خسارة كل شيء والإجبار على الرحيل، ولكن أين نجد الماء والمراعي بدون المستوطنين؟”.
ويضطر كعابنة إما إلى شراء المياه من شركة المياه الإسرائيلية “ميكوروت” بسعر مرتفع أو سحب المياه من البئر المحلي عندما لا يكون هناك مستوطنون حوله، عادة عند فجر اليوم، لدعم أسرته وقطيعهم المكون من 400 رأس من الأغنام والماعز.
وتعكس محنة كعابنة في العوجا محنة الفلسطيني مهيوب فقها الذي يعيش بالقرب من عين الحلوة في شمال غور الأردن. وعلى الرغم من إقامته بجوار نبع ماء، فإن فقها ممنوع من استخدام مياهه.
وقال لوكالة الأنباء التونسية “بالنسبة لنا المياه مسألة حياة أو موت، وبحماية الجيش الإسرائيلي يمنعنا المستوطنون من الوصول إلى مصادر المياه”.
“إنهم يعلمون أن السيطرة على المياه في منطقة يعتمد سكانها على الثروة الحيوانية يعني الحكم علينا بالإعدام”.
قبل أن يسيطر المستوطنون على النبع في أوائل عام 2022، كان لدى فقهاء قطيع من الأغنام يبلغ عدده نحو 300 رأس. اليوم، يمتلك نصف هذا العدد، وهو الانخفاض الذي يعزوه إلى تأثير المستوطنين على المراعي المحلية وتوافر المياه.
ومثل جيرانه في عين الحلوة، يكافح فقها للحصول على مياه الشرب من خلال خزانات مياه خاصة “باهظة الثمن وغير كافية”. ويشير إلى أن السلطات الإسرائيلية تفرض غرامات مرورية بقيمة 200 دولار أميركي على سائقي الجرارات التي تسحب خزانات المياه، مما يزيد من تشديد القيود.
وأضاف “لقد تحولت الينابيع إلى مناطق سياحية يستمتع بها المستوطنون بينما نموت نحن عطشاً، إنها حرب صامتة على وجودنا، لكنها في النهاية أمر لا يمكننا قبوله”.
ارتفاع غير مسبوق في الهجمات
كانت عنف المستوطنين الإسرائيليين في تصاعد في الضفة الغربية المحتلة قبل وقت طويل من 7 أكتوبر، ولكن في أعقاب الهجوم المفاجئ الذي قادته حماس على القواعد العسكرية الإسرائيلية والمستوطنات المدنية داخل وحول غلاف غزة، والحرب الإسرائيلية على غزة التي تلت ذلك، حصل المستوطنون على “تفويض مطلق” لإحداث الفوضى في الضفة الغربية المحتلة، بحسب أيمن غريب، وهو ناشط ضد التوسع الاستيطاني الإسرائيلي.
وفي يوم الخميس، أقر البرلمان الإسرائيلي قرارا يرفض بأغلبية ساحقة إقامة دولة فلسطينية، وفقا لتقارير إعلامية إسرائيلية. وتم تمرير القرار في الكنيست في وقت مبكر من يوم الخميس بأغلبية 68 صوتا لصالحه وتسعة أصوات فقط ضده.
وقال غريب لوكالة الأنباء التونسية إن هذا يتماشى مع النهج الإسرائيلي المتشدد بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول، الذي شهد في يوليو/تموز أكبر عملية استيلاء على الأراضي في الضفة الغربية المحتلة منذ 30 عاما. وأضاف أن هذه السياسات مكنت المستوطنين من السيطرة على المزيد من ينابيع المياه في الضفة الغربية، وخاصة في وادي الأردن.
وقال “حرب المياه قديمة وجديدة، ولكن بعد السابع من أكتوبر وصلت إلى مستوى غير مسبوق مع عشرات الانتهاكات التي أصبح من الصعب حتى رصدها”، مضيفا “الآن أصبح سكان الأغوار غير قادرين على تأمين حتى الحد الأدنى من المياه”.
ومنذ احتلال الضفة الغربية، والذي يُعتقد أنه أطول احتلال عسكري مستمر في التاريخ الحديث، اتبعت السلطات الإسرائيلية سياسة تجفيف أو تقليص تدفق المياه في الينابيع من خلال حفر الآبار القريبة وتحويل المياه إلى المستوطنات الإسرائيلية أو حتى إلى إسرائيل نفسها، بحسب غريب.
وقال رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان التابعة للسلطة الفلسطينية مؤيد شعبان في مقابلة: “إن احتلال موارد المياه يحدث في الضفة الغربية، تماما مثل النضال ضد التوسع الاستيطاني والعنف اليومي الذي تمارسه إسرائيل”.
وأشار شعبان إلى أن المستوطنين سيطروا على معظم ينابيع المياه في المنطقة (ج) بالضفة الغربية قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول، إلا أن الوضع “تفاقم منذ ذلك الحين”.
وقال إنه “في أعقاب 7 أكتوبر، كان هناك 63 هجوما مسجلا على ينابيع فلسطينية من قبل المستوطنين، معظمها في شمال الضفة الغربية، وتحديدا في منطقة الأغوار ونابلس، وكلها في المنطقة (ج)، مشيرا إلى أن هناك حوالي 530 نبعا في الضفة الغربية، أكثر من 60 منها تقع بالقرب من المستوطنات، وسيطر المستوطنون على معظمها”.
وأضاف شعبان أن إسرائيل تسيطر على المياه الجوفية في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، ولا تسمح للفلسطينيين باستخراج كميات كافية منها.
وأضاف أن “عشرات الآبار الارتوازية تم حفرها قبل السابع من أكتوبر بالتنسيق مع السلطات الإسرائيلية، لكن إسرائيل سيطرت عليها لاحقا ومنعت استخراج المياه منها دون سبب، كما أن هناك مراقبة صارمة للمياه الجوفية، وأي زيادة في الاستخراج تؤدي إلى فرض عقوبات على مشغل البئر”.
تسيطر إسرائيل على 85% من موارد المياه في الضفة الغربية
قالت مدير عام الموارد والسيطرة في سلطة المياه الفلسطينية ماجدة علاونة، إن الفلسطينيين في الضفة الغربية يعتمدون بشكل أساسي على المياه الجوفية من الآبار والينابيع للبقاء على قيد الحياة.
وأضافت في تصريح لوكالة الأنباء التونسية أن “الفلسطينيين في الضفة الغربية يعتمدون على هذه المصادر في 76% من احتياجاتهم من المياه، وفي الوقت نفسه يسيطر الاحتلال على أكثر من 85% من هذه المصادر لتزويد المستوطنات الإسرائيلية، في حين يتبقى للفلسطينيين نحو 15%”.
ولمعالجة نقص المياه، يشتري الفلسطينيون كميات إضافية من شركة ميكوروت الإسرائيلية، وإن كان ذلك بأسعار وكميات ومواقع تحددها الشركة.
ويحاول البعض فرض إرادتهم، إلا أن إسرائيل تعرقل ذلك بحجة طلب التصاريح والموافقات من مختلف دوائر الإدارة المدنية الإسرائيلية، وهي عملية قد تستغرق سنوات، بحسب علاونة.
وبحسب تقرير صدر عام 2024، أصدرت السلطات الإسرائيلية 86 أمراً عسكرياً بين عام 2019 ويونيو/حزيران 2024، والتي “استهدفت قطاع المياه في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتحديداً البنية التحتية، ومد خطوط المياه والصرف الصحي في الأراضي الفلسطينية المحتلة لصالح المؤسسات الاستيطانية”.
وتشير معطيات نشرتها منظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية “بتسيلم” في العام 2023، إلى أن متوسط استهلاك الإسرائيليين من المياه يبلغ 247 لتراً يومياً، ويتراوح بين 400 و700 لتر يومياً للمستوطنين في الضفة الغربية المحتلة.
وذكرت سلطة المياه الفلسطينية أن شركة المياه الإسرائيلية “ميكروت” خفضت حصص المياه لعدة محافظات فلسطينية، بما في ذلك الخليل وبيت لحم، بنحو 30 في المائة.
وأضاف علاونة “إلى جانب اعتداءات المستوطنين واحتكار شركة ميكوروت، تقوم الشرطة الإسرائيلية بزيارة الآبار المرخصة الخاضعة للسيطرة الفلسطينية بشكل منتظم لقياس مستويات المياه وكميات الاستخراج. ويتم ملء الآبار بالإسمنت إذا كان منسوب المياه أقل من الحد المسموح به، مما يترك المجتمعات بأكملها دون أي بدائل أخرى”.
تم نشر هذه المقالة بالتعاون مع إيجاب.
[ad_2]
المصدر