هل يمكن أن تنتقل التوترات بين إيران وإسرائيل إلى جنوب القوقاز؟

هل يمكن أن تنتقل التوترات بين إيران وإسرائيل إلى جنوب القوقاز؟

[ad_1]

مع تأجيل إيران ردها على اغتيال إسرائيل لإسماعيل هنية في طهران، تتزايد المخاوف من أن التوترات المتصاعدة قد تمتد إلى ما هو أبعد من الشرق الأوسط لتصل إلى جنوب القوقاز.

وبما أن طهران لم تشر بعد إلى ما ستفعله، ربما بسبب تورط الولايات المتحدة، فإن البعض يتكهن بأن أذربيجان، الحليف الوثيق لإسرائيل، قد تكون مستهدفة.

ومؤخرا، أفادت وسائل إعلام إسرائيلية أن الجيش الإسرائيلي منع جنوده من البقاء في أذربيجان وجورجيا بسبب التهديدات الإيرانية المحتملة. وكانت إيران قد ضربت في الماضي ما تدعي أنها قواعد استخباراتية إسرائيلية في كردستان العراق.

ورغم أن تل أبيب لم تعلق على التقرير، فإن وكالة تطوير الإعلام الرسمية في أذربيجان نفت وجود أي “وحدات عسكرية أجنبية” في البلاد. ومع ذلك، فسر البعض تدريبات الدفاع الجوي التي أجرتها باكو الأسبوع الماضي على أنها استعراض للقوة ضد طهران، التي أجرت مؤخرا تدريبات بحرية بالقرب من حدودهما المشتركة في بحر قزوين.

والجدير بالذكر أن التدريبات جاءت بعد أن أشار تقرير إعلامي بريطاني إلى أن جنرالات الحرس الثوري الإسلامي الإيراني يدعون إلى توجيه ضربات مباشرة إلى المدن الإسرائيلية، مع التركيز على القواعد العسكرية لتقليل الخسائر بين المدنيين. وبحسب التقارير، اقترح الرئيس الإيراني المنتخب حديثًا مسعود بزشكيان استهداف “قواعد إسرائيلية سرية” في أذربيجان.

القلق الإقليمي الكامن

ورغم أن هذه المزاعم الإعلامية قد لا يكون لها أساس من الصحة، خاصة في ضوء الجهود الحالية التي تبذلها طهران لتطبيع العلاقات مع باكو، فإن التوترات الكامنة لا تزال تطارد الديناميكيات بين البلدين.

أعربت طهران باستمرار عن قلقها إزاء الوجود العسكري والاستخباراتي الإسرائيلي بالقرب من الحدود الإيرانية الأذربيجانية، حيث تسعى تل أبيب إلى توسيع نفوذها في مناطق مثل الخليج الفارسي وشمال العراق وجنوب القوقاز وآسيا الوسطى كجزء من استراتيجيتها “للاقتراب من إيران”.

ولقد اتهمت طهران باكو بمساعدة الموساد في اغتيال علماء فيزياء نووية إيرانيين وإجراء أنشطة استطلاعية. وعندما وقعت أذربيجان صفقة أسلحة بقيمة 1.6 مليار دولار مع إسرائيل في عام 2012، أصدرت طهران احتجاجا رسميا للسفير الأذربيجاني، ووصفت الصفقة بأنها خطوة استفزازية معادية لإيران، مما أدى إلى أزمة دبلوماسية، بما في ذلك اعتقال باكو لمجموعة متهمة بالتجسس لصالح طهران والتخطيط لشن هجمات على السفارتين الأميركية والإسرائيلية.

وفي العام نفسه، ذكرت مجلة فورين بوليسي أن الولايات المتحدة خلصت إلى أن إسرائيل حصلت على حق الوصول إلى القواعد الجوية على الأراضي الأذربيجانية لشن ضربات عسكرية محتملة ضد إيران.

كيف تختبر حرب إسرائيل على غزة العلاقات بين تركيا وأذربيجان

لماذا تقترب أذربيجان من إسرائيل؟

كيف أدى سقوط ناغورنو كاراباخ إلى تغيير ميزان القوى في القوقاز

وفي الآونة الأخيرة، أتاح التدهور التاريخي في العلاقات بين طهران وباكو في أعقاب حرب ناغورنو كاراباخ الثانية لإسرائيل فرصة لتعزيز مكانتها كشريك استراتيجي، حتى أنها اقترحت تشكيل “جبهة موحدة” لمواجهة إيران.

ومن الجدير بالذكر أن إحدى برقيات وزارة الخارجية الأميركية التي نشرها موقع ويكيليكس أكدت أن “الهدف الرئيسي لإسرائيل هو الحفاظ على أذربيجان كحليف ضد إيران، ومنصة لاستطلاع ذلك البلد، وسوق للمعدات العسكرية”. وبعبارة أخرى، استثمرت إسرائيل بكثافة في تشكيل تصور لتحالفين متعارضين: أذربيجان وإسرائيل وأرمينيا وإيران.

ورغم هذه التوترات العرضية، تجنبت باكو حتى الآن المواجهة المفتوحة مع جارتها الجنوبية القوية، مدركة أنها لا تستطيع تحمل علاقات متوترة مع طهران بشكل دائم.

وهذا أمر بالغ الأهمية بشكل خاص لأن أذربيجان لا تزال بحاجة إلى تأمين اتفاق سلام مع أرمينيا، وتواجه حاليا انتقادات من الغرب بعد الاستيلاء على منطقة ناغورنو كاراباخ.

أعربت طهران باستمرار عن قلقها إزاء الوجود العسكري والاستخباراتي الإسرائيلي بالقرب من الحدود الإيرانية الأذربيجانية. (جيتي) البراجماتية في العلاقات بين طهران وباكو

بعد أيام قليلة من الهجوم الذي نفذته حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وقعت الدولتان اتفاقا تاريخيا لإنشاء ممر آراس، وهو طريق عبور يسمح لأذربيجان بالوصول إلى جيب نخجوان عبر الأراضي الإيرانية.

وقد اعتُبِر هذا الاتفاق، الذي جاء بعد ثلاث سنوات من العلاقات المتدنية تاريخياً، خطوة حاسمة لتجنب بديل أكثر إثارة للجدل لـ”ممر زانجيزور”. حتى أن إلهام علييف والراحل إبراهيم رئيسي افتتحا معاً منشأة للطاقة الكهرومائية على نهر أراس، الذي يشكل الحدود بين إيران وأذربيجان.

في يونيو/حزيران، أجرت الدولتان تدريبات عسكرية مشتركة ــ وهو حدث لم يكن من الممكن تصوره قبل عام واحد فقط. وبعد شهر، أعادت باكو فتح سفارتها في طهران، التي أغلقت في أعقاب هجوم مسلح على البعثة الدبلوماسية في يناير/كانون الثاني 2023.

ويحمل الممر الدولي المقترح للنقل من الشمال إلى الجنوب، والذي يتضمن خط سكة حديد طموح يربط الهند بروسيا مع أذربيجان وإيران كوسطاء رئيسيين، أهمية خاصة بالنسبة لطهران.

وبالإضافة إلى تعزيز ارتباطها بروسيا في وقت تعمل فيه الدولتان على تعميق علاقاتهما الاقتصادية والعسكرية والسياسية، تهدف إيران إلى تأمين الوصول إلى البحر الأسود من خلال الممر البحري الدولي – وهو إنجاز كبير محتمل لطهران في المنطقة.

وفي هذا السياق، وفي حين يظل تعميق التوغل الإسرائيلي في القوقاز نقطة خلاف في طهران، فإن البراجماتية التي تركز على الاستقرار الإقليمي والآفاق الاقتصادية هي التي تقود حاليا العلاقة بين البلدين.

ومن الجدير بالذكر أن تحسين العلاقات مع الدول المجاورة يشكل هدفاً رئيسياً في السياسة الخارجية لإدارة بيزيشكيان الإصلاحية الجديدة. وأي تحرك عدواني ضد أذربيجان لن يؤدي فقط إلى إنهاء الشراكة الهشة ودفع باكو إلى الاقتراب من إسرائيل، بل سيؤدي أيضاً إلى خلق تهديدات أمنية فورية لطهران، التي تتورط بشكل متزايد في الأزمات التي تعصف بالشرق الأوسط.

وبعد أن أدركت طهران نفوذ باكو كلاعب حاسم في شبكات التجارة والطاقة المختلفة التي تضم قوى عالمية وإقليمية كبرى مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والصين وروسيا، تحركت لإعادة تقييم نهجها لأنها لا تستطيع إجبار جارتها الشمالية على التراجع عن التعاون مع إسرائيل. وهذا الموقف الاستراتيجي يمكّن أذربيجان من الحفاظ على سياسة خارجية مرنة، ومقاومة الضغوط من أي طرف منفرد.

ولم تتردد باكو حتى في تبني سياسات تختلف عن سياسات حليفتها الرئيسية تركيا، حيث أشادت علناً وبصوت عالٍ بشراكتها المتنامية مع تل أبيب.

ومع ذلك، يمكن الافتراض أن المواجهة المباشرة بين طهران وإسرائيل هي سيناريو غير مرغوب فيه بالنسبة لباكو، لأنه من شأنه أن يجعل من الصعب بشكل خاص الحفاظ على التوازن الدقيق بين العدوين اللدودين.

وعلاوة على ذلك، تواصل طهران النظر إلى المنطقة من خلال عدسة تركز على الأمن، حيث يظل أي استخدام محتمل للقوة من جانب باكو لإنشاء “ممر زنجيزور” بمثابة خط أحمر بالنسبة لإيران.

ويتم التأكيد على هذا السياق من خلال الهجمات المتكررة التي تشنها وسائل الإعلام الموالية للحكومة الأذربيجانية على مهدي سبحاني، سفير طهران لدى أرمينيا، الذي يعرب باستمرار عن معارضة إيران “لأي تغييرات جيوسياسية في المنطقة”.

روفشان مامادلي صحفي ومحلل مستقل يقيم في باكو. حاصل على درجة البكالوريوس في دراسات إسرائيل والشرق الأوسط ودرجة الماجستير في دراسات السياسة الدولية، ويركز على السياسة الخارجية لأذربيجان، وسياسة الشرق الأوسط، والسلام والأمن في جنوب القوقاز.

تابعوه على X: @MammadliRovshan

[ad_2]

المصدر